السبت 21 سبتمبر 2024
6

تألمت قبل أن أكتب !

بواسطة في ساحة الحوار

اقتنيتُ قبل عامين تقريبا من مطار جده وأنا في رحلتي إلى مدينة الدمام كتابا بعنوان : “وراء كل عبقري قصة معاناة ” وهو للمؤلفة البارعة سلمى مجدي , وقد أثارني عنوانه حقا , وكنت كل ما شعرت بالخواء فتحت صفحاته أتنقل بين حياة العباقرة والتي هي في الحقيقة حياة بعيدة عن حياة الركود والجمود , إن حياة العبقري لا تؤمن بالاستسلام مطلقا , إن الروح التي يتمتعون بها دائما ما تكون على استعداد دائما بل تكون مرنة إلى حد كبير , وقد أفاضت المؤلفة القديرة عن أهم النقاط التي كانت في حياة العباقرة وكأنها تأخذك إلى بؤرة الحماس وتزج بك , بل كأنها تأخذك إلى جذور العزيمة وتغذيك من كل صفحة تقرأها , وقد توقفتُ عند تلك الشخصية التي هزت دواخلي وأحدثت ضجة في تأملاتي كضجة ويكليكس , إنها عبقرية الأعمى “طــه حسين ” ذلك الذي قال عبارة روسو الشهيرة “أحسست قبل أن أفكر ” بطريقته حيث يقول “تألمت قبل أن أفكر ” ولقد أخذت هذه المقولة أقلبها في ذهني للحظات , هل الألم يصنع الفكر ؟ هل حينما نقع في غياهب الألم هل معنى ذلك أننا نفكر أم أن هناك خيوط دقيقة داخل إناء الروح تقودنا إلى ضوء الفكر ورؤية الأشياء من منظورأدق ؟

إنك حينما تتأمل حياة كحياة طــه حسين فإنك ستشكر الله كثيرا , إنك حينما تتأمل , فإنك تقف على مرحلة تاريخية مهمة من الحياة المصرية , لقد رفع ذلك الأعمى دعوة سماها ” مجانية التعليم حيث كان يقول :

“العلم كالماء والهواء حق لكل إنسان ” هل تعلم متى صدح بهذه المقولة ؟ في عام 1925 م تقريبا , إن فكرة مبكرة تقتدح في عقلية رجل أعمى خير دليل على عظمة ما يحمل في جعبته , ولا أريد التحدث عن الجانب المظلم الذي عاشه عبقري مصر , لأن ما يهمني أعمق من ذلك بكثير , وقد عشت منذُ أن قرأت عبارته الأخرى تلك التي قالها على غرار ديكارت “أنا أفكر إذن أنا موجود ” حيث قال ” أنا أتألم إذن أنا موجود ” .

لو أسقطنا التأمل فجأة على أي فترة من  حياة طــه حسين لوجدناه في وسط محنته يعيش في أعلى قمته . هكذا هي حياة العبقري وهكذا هو في نضال دائم , فهل يا ترى حينما نتألم في حياتنا هل نسير إلى خطوة التفكير أم أننا نجثو داخل بوتقة المشكلة ..؟       

 

أحمد الذبياني .  

Tweet about this on TwitterShare on FacebookShare on Google+Share on TumblrEmail this to someone

6 تعليق على “تألمت قبل أن أكتب !”

  1. هدى القاسمي قال:

    فعلا إنه لشيء يدعو إلى الوقوف والتأمل؛ إن وراء معظم العظماء قصة معاناة!
    فنيوتن العالم العظيم مثلا ولد يتيما، وعبد الحليم حافظ العندليب الأسمر كان فقيرا يتيما،والشيخ أحمد ياسين المناضل الفلسطيني العظيم كان مقعدا،ولماذا تبتعد؟ أوليس رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أعظم رجل عرفه التاريخ على الإطلاق كانت حياته منذ بدايتها ملئى بالمحن والمعاناة؟
    ما العلاقة ياترى بين المعاناة والوصول إلى الأعالي والقمم؟
    يبدو -والله أعلم-أن هذه المحن والشدائد تصقل شخصية الإنسان وتجعله يشعر بمعنى المسئولية في وقت مبكر، ومن ثم تصبح هي الدافع الذي يحركه لإيصال رسالته إلى العالم والتغلب على جميع المتاعب والصعاب التي قد تقف في طريقه.

  2. عبدالله الشهراني قال:

    أخي الأديب أحمد
    أعتقد بل أجزم بأن الترف لا يصنع عظيم
    وقد أصاغت الأخت الكريمة هدى القاسمي كلامات من ذهب لخصت ما كنت أنوي أن أكتبه
    ————————-
    أن المحن والشدائد هي التي تصقل شخصية الإنسان وتجعله يشعر بمعنى المسئولية في وقت مبكر، ومن ثم تصبح هي الدافع الذي يحركه لإيصال رسالته إلى العالم والتغلب على جميع المتاعب والصعاب التي قد تقف في طريقه.
    ————————-
    لكن هل تعلمون أين هو الخطأ الذي يقع فيه أغلب العباقرة
    هو إغراق أبنائهم في بحر الترف والخوف من تكرر نفس التجربة القاسية عليهم

  3. ماجد مليباري قال:

    ليس بالضرورة وجود معاناة أو محنة معقدة وراء تكوين شخصية الانسان العبقري ,,, بل الاهم في تكوين الشخصية هو الدافع و الايمان بالفكرة و مجاهدة النفس لتحقيق الفكرة .(وجهة نظر شخصية)

  4. عادل البنقالي قال:

    حين تستمتع بقرأة سير وخطى مثل هؤلاء العظماء الذين خلدت أسماؤهم في أذهان المفكرين والأدباء بل وحتى أخذت منهاجا يحتذى به لكثير ممن يبحثون عن النجاح تشعر بأنه قد تملكك الإحساس بالخجل تجاه نفسك عندما تبحث في ذاتك ومخرجات حياتك فقلما تجد ما تسميه انجاز أو حتى أن تكون مثال يحتذى بك.
    هنالك أناس يطلق عليهم “العصاميين” وهو في رأي أنه مصطلح يطلق فقط على من يصنع مجداً لنفسه والإعتماد الكامل عليها دون الحاجة لتدخلات الآخرين إلا في الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم وهذا نوع من التحديات التي تجعل الإنسان يصل لغاياته وضرورياته ليهنأ برغد العيش في ظل زمان كثرت فيه مصاعب الحياه البسيطة. أكتب لكم ذلك عن تجربة شخصية ولو أنني لم أستطع أن أحقق الشيئ الذي يشار إليه بالبنان ولكن البدء على النهج بلا شك سينتهي بالوصول إلى الغايات.
    ولاأنسى قبل كل ذلك تقوى الله وتوفيقه ومن ثم دعاء الوالدين هما الدافعان في تحقيق كل ما هو مرموق ومطلوب لإثبات الذات.

  5. فاطمة القاسمي قال:

    هل الألم يصنع الفكر ؟
    نعم الألم يجعل نظرة الإنسان لما حوله تختلف : فيصبح كثير التأمل و التفكير ويجعله يتطرق في تفكيره لأدق التفاصيل مما يجعله يحدد أهدافه ويتعلم أشياء جديدة لم تخطر في أذهان الكثير من الناس الذين يعيشون في نعيم وسعادة تجعلهم لا يرهقون عقولهم في التفكير حتى في أتفه الأمور!!
    لذلك نجد أغلب من كانت حياتهم مليئة بالألم وكانو أقوياء تغلبو على الألم وحولوه إلى نجاح جعلهم أفضل ممن عاشو في النعيم)
    فقد قال تعالى(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرُ لكم)

  6. عبدالله العباسي قال:

    سلامي للجميع …
    اويد وجهة نظر المهندس ماجد مليباري
    ليس بالضرورة وجود معاناة أو محنة معقدة وراء تكوين شخصية الانسان العبقري ,,, بل الاهم في تكوين الشخصية هو الدافع و الايمان بالفكرة و مجاهدة النفس لتحقيق الفكرة
    ………………………………
    فهل لو لم يكن نيوتن يتيماً لما كان عالماً عظيماً؟
    وهل لو لم يكن عبدالحليم فقيراً لما كان عندليب ولم يكن عنده موهبة الصوت؟
    وهل لو لم يكن الشيخ احمد رحمة الله عليه مقعداً لما كان مناضلاً؟
    في وجه نظري يمكن ان تكون المعاناة عاملاً مساعد للوصول الى اعلى القمم ويمكن ان تعكس آثار سلبية على الشخص

اترك ردا

*

*

ملاحظة:المؤشر بـ(*) مطلوب،،، البريد لن يتم نشره